هل يجد طفلك الرضيع صعوبة في البلع أثناء الرضاعة أوصعوبة في التنفس؟ هل لديه ذقن بارزة مع وجود تجعد أفقي بين منطقة الذقن والشفة السفلى؟ تلاحظ أن طفلك لا يستطيع الأكل ويعاني من عدم محاذاة الأسنان بشكل صحيح؟ تخيل أن طفلك الصغير يواجه صعوبة في المضغ والتحدث بسبب مشكلة تراجع فكه السفلي. هذه المشكلة، التي قد تبدو بسيطة للبعض، يمكن أن تؤثر بشكل كبير على نمو الطفل وتطوره. في هذا المقال، سنتعرف على علاج تراجع الفك السفلي عند الاطفال والرضع، كما سنقوم بمقارنة هذه الحالة بصغر الفك السفلي عند الرضع، لتوضيح الاختلافات بينهما.
عناصر المقال
- كيف ينمو الفك السفلي عند الاطفال والرضع؟
- أوجه التشابه بين صغر حجم الفك السفلي وتراجع الفك السفلي عند الرضع والاطفال
- أوجه الإختلاف بين صغر حجم الفك السفلي وتراجع الفك السفلي عند الرضع والاطفال
- خطوات علاج تراجع الفك السفلي عند الاطفال والرضع
- علاج تراجع الفك السفلي عند الرضع
- علاج تراجع الفك السفلي عند الاطفال
كيف ينمو الفك السفلي عند الاطفال والرضع؟
تخيل أن الفك السفلي مثل البيت يُبنى شيئًا فشيئًا، حيث يبدأ جزء صغير جدًا في النمو ليشكل الفك في بداية تكون الجنين. يبدأ هذا الجزء الصغير كنوع من القالب الناعم ثم يتصلب تدريجيًا ويتحول إلى عظم قوي.
لا ينمو الفك السفلي بشكل مستقيم بل ينمو لأسفل وللأمام وكأنه يفتح مساحة أوسع للفم، ويحدث هذا النمو ببطء على مدار سنوات عديدة. يختلف معدل نمو الفك من طفل لآخر ولكن بشكل عام ينتهي نمو الفك في أواخر المراهقة عند معظم الأطفال. فهم هذه التفاصيل الخاصة بنمو الفك يساعد الأطباء في اختيار أفضل طريقة لعلاج تراجع الفك السفلي عند الاطفال والرضع في الوقت المناسب.
لكن، وقبل الحديث عن علاج تراجع الفك السفلي عند الاطفال والرضع لابد أن نتطرق إلى حالة مشابهة وهي صغر الفك السفلي عند الرضع والتي تتشابه في أعراضها مع تراجع الفك السفلي عند الرضع.
أوجه التشابه بين صغر حجم الفك السفلي وتراجع الفك السفلي عند الرضع والاطفال
يتشابه صغر الفك السفلي عند الرضع مع تراجع الفك السفلي عند الرضع والاطفال من حيث المضاعفات التي تنتج عنهما لذلك يٌفضل استخدام الأشعة السينية والرنين المغناطيسي؛ لفحص الفك بدقة وتحديد ما إذا كانت المشكلة في حجم الفك (صغر حجم الفك السفلي) أم وضعه (تراجع الفك السفلي). ويتمثل هذا التشابه في:
أولًا: صعوبة الرضاعة عند الرضع
يواجه الطفل الذي يولد سواءً بفك سفلي متراجع، أو صغر حجم الفك السفلي من صعوبات في الرضاعة بسبب اختلاف حجم الفكين فقد تصل الفجوة بين خط اللثة العلوي والسفلي الأمامي إلى 3 مم أو أكثر، حيث يجعل ذلك الطفل يضغط على الحلمة بشكل خاطئ ويمنع لسانه من الحركة بشكل طبيعي مما يؤثر على عملية الرضاعة، فيحتاجون إلى وضعيات خاصة أثناء الرضاعة.
معظم الأطفال الذين يولدون بفك صغير بعض الشيء يتجاوزون هذه المشاكل في الرضاعة مع الوقت. في حوالي عمر 3-4 أشهر، تزداد رقبة الطفل في الطول، ويصبح البلعوم أعمق مع تحرك الفك للأمام مع نمو الوجه. هذا يؤدي إلى تحرك الجزء الخلفي من اللسان للأمام قليلاً مع زيادة المساحة، مما يسمح بارتفاع وسحب اللسان بشكل أفضل. في هذه المرحلة، يمكن لمعظم الأطفال الانتقال إلى وضعيات الرضاعة التقليدية.
ثانيًا: سوء محاذاة الأسنان عند الاطفال (سوء الإطباق)
مع تراجع الفك السفلي في الاطفال (سوء الإطباق) ومع تقدمهم في العمر قد تصبح أسنانهم غير متراصة بشكل سليم مما يؤثر على قدرتهم على مضغ الطعام. كما يؤدي إلى الشعور بألم في الفك.
وبالمثل يؤثر صغر حجم الفك السفلي على نمو الأسنان بشكل طبيعي بسبب عدم توفر المساحة الكافية في الفك السفلي.
ثالثًا: صعوبة التنفس
قد يعاني الرضع والأطفال المصابين بتراجع الفك السفلي من صعوبة في البلع والشخير أو صعوبة في التنفس. قد يصل الأمر إلى انقطاع التنفس أكثر من مرة أثناء النوم وهو ما يعرف باسم متلازمة انقطاع النفس الانسدادي؛ بسبب تراجع اللسان إلى الخلف مع تراجع الفك.
وبالمثل في حالة صغر الفك السفلي عند الرضع؛ حيث يتحرك اللسان للخلف بسبب نقص المساحة في الفم ويسد البلعوم مما يؤثر على التنفس، ويكون مهددًا للحياة. ويطلق على هذه الحالة التي تجمع صغر الفك السفلي مع تراجع اللسان مع انسداد مجرى الهواء اسم “متلازمة بيير روبن”.
رابعًا: تغيير مظهر الوجه
هؤلاء الأطفال أحيانًا ما يكون لديهم ذقن بارزة مع وجود تجعد أفقي بين منطقة الذقن والشفة السفلى، وغالبًا ما تتراجع الشفة السفلية خلف الشفة العلوية. يكون الأمر واضخًا للجميع مما يسبب بعض الحرج والشعور بعدم الثقة في النفس.
أوجه الإختلاف بين صغر حجم الفك السفلي وتراجع الفك السفلي عند الرضع والاطفال
هناك نقطة اختلاف أساسية بين صغر حجم الفك السفلي وتراجع الفك السفلي عند الرضع والاطفال؛ حيث يتميز صغر الفك السفلي عند الرضع بأنه اضطراب في نمو الفك السفلي فيكون أصغر من حجمه الطبيعي ( قصور نمو الفك السفلي)، ويرتبط دائمًا بحدوث تراجع في الفك السفلي، مع صغر الذقن وتراجعها إلى الخلف عند النظر إلى وجه الطفل من الجانب.
أما حالة تراجع الفك السفلي عند الرضع فتتميز بموضع غير طبيعي للفك السفلي بالنسبة إلى الفك العلوي لكن لا يشترط حدوث صغر لحجم الفك السفلي معها. لابد للطبيب المختص بعلاج الحالة أن يكون على دراية بهذا الاختلاف لتقديم العلاج المناسب لكل حالة.
خطوات علاج تراجع الفك السفلي عند الاطفال والرضع
قبل البدء في علاج تراجع الفك السفلي عند الاطفال والرضع، يجب التحدث مع طبيب متخصص للحصول على مزيد من المعلومات؛ ذلك لأن كل حالة فريدة من نوعها، فمثلًا الأطفال الذين يعانون من تراجع طفيف قد لا يحتاجون إلى علاج، بينما قد يحتاج الآخرون الذين يعانون من حالات أكثر حدة إلى تقويم الأسنان أو جراحة على حسب السبب ودرجة التراجع في الحالة. وتشمل الخطوات ما يلي:
1. وضع خطة العلاج
سيعمل طبيب الأسنان على وضع خطة علاج شاملة لمشكلة الفك السفلي المتراجع، ولن يقتصر العلاج على الزيارة الأولى فقط بل سيخطط الطبيب للعلاج على مدى سنوات، مع الأخذ في الإعتبار حالة المريض، وتاريخه الطبي، واستخدام أحدث التقنيات المتاحة لتحقيق أفضل النتائج.
2. إجراء فحوصات شاملة
للبدء في تنفيذ خطة علاج شاملة، لابد من إجراء فحوصات شاملة مثل التقاط صور للأسنان والفم، وعمل فحص بالأشعة السينية؛ وذلك لمساعدة الطبيب على فهم حالة المريض بشكل أفضل.
اقرأ أيضًا
3. شرح الخيارات المتاحة للمريض
بعد جمع كل المعلومات، سيقوم الطبيب بشرح الخيارات العلاجية المتاحة للمريض بما في ذلك الجراحة إذا كانت ضرورية. سيتم عمل نموذج ثلاثي الأبعاد للفك لتحديد حجم وكيفية إجراء العملية بدقة متناهية. في الوقت الحالي يتم استخدام أجهزة الكمبيوتر والطباعة ثلاثية الأبعاد؛ لجعل التخطيط للجراحة أكثر دقة وفعالية.
علاج تراجع الفك السفلي عند الرضع
يعتمد علاج تراجع الفك السفلي عند الرضع علي التقييم الدقيق للحالة لتحديد أفضل طريقة لعلاج الحالة، ويتم هذا التقييم على عدة مراحل:
- المرحلة الأولى: مراقبة تنفس الرضيع في وحدة العناية المركزة للأطفال حديثي الولادة والرضع، مع عمل أشعة سينية لتحديد شكل الفك بصورة أفضل.
- المرحلة الثانية: سيقوم الأطباء بفحص الفك للتأكد من خلوه من العيوب، إذا تم تشخيص الطفل بمتلازمة انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم
- المرحلة الثالثة: في حال ثبوت إصابة الطفل بالفك السفلي المتراجع، قد يخضع لعملية جراحية لتصحيح الحالة. الجراحات الأكثر شيوعًا هي:
- شق الفك السهمي الثنائي (BSSO)
حيث يتم عمل قطع بالفك السفلي بعناية من كلا الجانبين وتحريكه للأمام إلى الوضعية المثالية، ثم يتم تثبيته في الوضعية الجديدة باستخدام صفائح معدنية.
- جراحة توسيع العظم distraction osteogenesis.
قد تكون هي الجراحة المفضلة لأنه تقل بها فرص حدوث نزيف أو إصابة الأعصاب، حيث يتم وضع جهاز خاص داخل عظم الفك مع وجود امتداد إما داخل الفم أو خارجه ويتم تنشيط الجهاز لتحفيز تكوين عظم جديد، وبمجرد شفاء الطفل، يكون قادرًا على الرضاعة بصورة طبيعية.
كيفية التعامل مع الرضيع المصاب بتراجع الفك السفلي:
- أولًا: مشكلة الرضاعة
في حالة الرضاعة الطبيعية، فإن تعديلات وضع الرضاعة أثبتت فاعليتها بشكل كبير. لذلك وبعد استشارة الطبيب الخاص بطفلك، يٌنصح بتجربة وضع الأم في وضعية مستلقية مع الطفل في وضعية مستلق على بطنه ( المعروفة أيضا باسم وضعية البطن إلى البطن) مع وضع منشفة حمام ملفوفة عند صدر الطفل مما يسمح له بالنزول على الحلمة دون تمديد الرأس.
في حالة الرضاعة بالزجاجة، توجد وضعيتان تساعد كلاهما في دعم التنفس وتسهيل عملية الرضاعة:
- الوضعية الجانبية المرتفعة: وهي وضع الطفل على جانبه مع رفع رأسه قليلًا وتدوير جسمه قليلًا للأمام.
- الوضعية العالية: وهي وضع الطفل في وضع الحضن مع رفع وركيه قليلًا للأمام.
- ثانيا: صعوبة التنفس
في حالة وجود مسافة كبيرة بين الفكين العلوي والسفلي، فمن المهم مراقبة الطفل عن كثب أثناء النوم. يجب عليك استشارة طبيب الأطفال على الفور في الحالات التالية:
- إذا لاحظت أي صعوبة في التنفس
- إذا كان ينقلب باستمرار من وضعه على ظهره إلى جانبه
قد يوصي الطبيب بإجراء فحوصات إضافية أو يقدم نصائح حول أفضل وضعيات للنوم.
علاج تراجع الفك السفلي عند الاطفال
يحتاج علاج حالات تراجع الفك السفلي عند الاطفال إلى فريق متعدد التخصصات يشمل طبيب الأسنان وجراح الفم والفكين وطبيب الأطفال. وتعتمد نتائج العلاج على عدة عوامل مثل العمر وشدة الحالة ومدى الالتزام بخطة العلاج.
عادةً ما يتم تشخيص المشكلة لدى الأطفال في الفترة العمرية ما بين 4 – 10 سنوات، وفي العادة يقوم طبيب الأسنان بإحالة الطفل في سن السابعة أو الثامنة للتقييم الشامل. لحسن الحظ، في معظم الحالات تكون المشكلة بسيطة ولا تؤثر على وظائف أخرى. يقوم الطبيب بمتابعة الحالة، ويوصي باستخدام أجهزة تقويم بسيطة لتحريك الفك إلى وضعه الصحيح دون الحاجة إلى جراحة.
أما إذا لاحظ الطبيب صعوبات في التنفس لدى الطفل المصاب فهذا يشير إلى وجود مشكلة في مجرى الهواء العلوي، مثل ضيق في الحلق أو تشوه في بنية العظام، في هذه الحالة يحتاج الطفل إلى خطة علاجية متخصصة.
قد يكون تراجع الفك السفلي عند الأطفال علامة على مشكلة صحية أكبر، فهناك بعض الأمراض النادرة التي تسبب هذا التراجع مثل متلازمة بيير روبن أو متلازمة نصف الوجه الصغير. لذلك يجب على الطبيب فحص الطفل بدقة للكشف عن أي مشاكل أخرى قد تكون مرتبطة بهذا التراجع.
تختلف طريقة علاج تراجع الفك السفلي عند الاطفال على حسب درجة التراجع المصاب بها الطفل كالآتي:
أولا: علاج تراجع الفك السفلي عند الاطفال بدون جراحة
يتساءل البعض هل يمكن إرجاع الفك السفلي عند الاطفال باستخدام التقويم؟ والإجابة هي نعم؛ ففي الحالات الخفيفة إلى المتوسطة، حيث لا يلاحظ تراجع الفك السفلي عند الاطفال إلا في مرحلة الطفولة المبكرة، وفي هذه الحالة، يمكن غالبًا علاج الطفل باستخدام:
- تقويم الأسنان سواء التقويم المعدني أو التقويم الشفاف أو تقويم الأسنان الوجهي لتعديل النمو وتحسين محاذاة الأسنان.
- يمكن استخدام جهاز يشبه القناع لتجعل الفك العلوي ينمو ببطء أكبر وبالتالي يتساوى مع الفك السفلي.
- يمكن أيضا لبعض الأجهزة الوظيفية مثل توين بلوك Twinblock والتي تستخدم لتقديم الفك السفلي أن تعزز نموه عن طريق وضع الفك السفلي في وضعية أمامية، مما يساعد في توسيع المجرى التنفسي العلوي وعلاج توقف التنفس أثناء النوم.
ثانيًا: الجراحة
في الحالات الشديدة، قد يحتاج الشخص إلى إجراء جراحة شق الفك السهمي الثنائي (BSSO) لتعديل عظام الفك وتصحيح التراجع.
وبشكل عام فإن التوقعات جيدة حيث تساعد الجراحة على تصحيح حجم وموضع الفكين وتحقق تناغمًا أفضل للوجه وإطباقًا صحيحًا للأسنان، إلا إذا تسبب تراجع الفك السفلي في مشاكل صحية أخرى أكثر خطورة مثل توقف التنفس أثناء النوم أو مشاكل في مفصل الفك أو كان مرتبطًا بمرض آخر.
الخاتمة
باختصار، تراجع الفك السفلي عند الاطفال والرضع هو حالة قابلة للعلاج. مع التطور المستمر في مجال طب الأسنان وجراحة الفم والفكين، أصبح من الممكن تصحيح هذه المشكلة وتحقيق نتائج ممتازة. إذا لاحظتِ أي تغييرات غير طبيعية في فم طفلك، لا تترددي في استشارة طبيب الأسنان. التشخيص المبكر والعلاج المناسب هما مفتاح الحصول على ابتسامة جميلة وصحية لطفلك.
أسئلة شائعة
يشير الفك الطبيعي إلى حالة يكون فيها ترتيب الأسنان منتظمًا وخاليًا من أي اعوجاج أو بروز مع وجود تناسب دقيق بين الفكين العلوي والسفلي.
تتمثل إحدى الخصائص المميزة للفك الطبيعي في أن الأسنان الأمامية العلوية تغطي جزئيًا الأسنان الأمامية السفلية، كما تتداخل الأسنان العلوية والسفلية بشكل صحيح.
الإجابة لا تستطيع تمارين الوجه وحدها إعادة تشكيل عظام الفك؛ فبينما تساعد هذه التمارين على تقوية عضلات الوجه وشد الجلد، إلا أنها عاجزة عن حل مشكلة الفك السفلي المتراجع والذي هو حالة تشريحية تتعلق بشكل عظام الفك وليس حجم العضلات.
اترك تعليقاً